في سبعينيَّات القرن المنصرم، بل في آخره تحديداً قام شخصان أحدهما شيخٌ سعوديٌّ، والآخر سيدٌ عراقيٌّ بتحريض أهل الأحساء والقطيف بالقيام على نظام الحكم في السعوديَّة.
السيد ألقَت القبض عليه الحكومة السعوديَّةُ وسلَّمته إلى حكومة العراق، إذ كانت علاقتهما متينة.
والشيخ استطاع الهرب إلى سوريا، ولكنَّ مؤمني تلك المنطقتين تعرَّضوا للمضايقات، وسفك الدماء، وهتك الأعراض.
وانتهت الحرب العراقيَّة – الإيرانيَّة، ودخل المقبور الكويت غازيا فقام الشيخ وأرسل نداءً من سوريا إلى الملك السعودي في ذلك الوقت يؤكّد له أنه يستطيع تحشيد شيعة السعودية للقتال ضد الطاغيةَ المقبور، فعفا عنه الملك وطلب منه الرجوع إلى السعوديَّة واستقبله في قصره، وقال له: إنَّ صحف المملكة وجرائدها متاحةٌ لقلمك، ولكن شريطة أن لا تتجاوز الحدود.
وفعلاً صار الشيخ يلتقي بعلماء السلفيَّة، وله مكانةٌ بينهم، وتحول خطابه من اليسار الثوري المتشدد إلى الوسطي لا أقول المعتدل، بل المداهن، وكلُّ من يستمع إلى خطاباته المنبرية يتضح له بشكلٍ جليٍّ أنه يقدّم تنازلاتٍ عقائديةً على حساب المذهب، وقد نمى إليَّ أن مرجع عصره – قُدّس سره – أصدر في حقّه تفسيقاً مكتوبا.
وصار هذا الشيخ – إلى يومك هذا – إذا دخل إلى مجلس فاتحة فبعض أكابر علماء القطيف هناك لا يُسلّم عليه ولا يمدّ يده له بالمصافحة لما اجترم من كبيرةٍ في حق الدماء والأموال والأعراض المحترمة.
هذا زمن التقيَّة، ومن لا يُدرك هذه الحقيقة فهو إما غبيٌّ إن أحسن به الظنّ، وإما مكابرٌ أن أسأنا به الظنّ.
ولذلك من يقوم بعملٍ "حركيٍّ" ولم يكن فقيهاً أو مرجعاً مشهوداً له بالفقاهة، ويتضرر الش-يعة من عمله فهو لا يستحق عناية المراجع العظام، ويكون أقلُّ تصرفٍ تجاهه عدم احترامه واستقباله.
الفقاهة أولاً، ثم العمل، ولولا رضا المعصوم عليه السلام بثورة زيد بن علي – عليهما السلام – لكان عمله باطلاً كعمل أبي سلمة الخلال، ودمه هدراً كدم الذين من قبله ومن بعده.