الخميس 22 رَجب 1446هـ 23 يناير 2025
موقع كلمة الإخباري
الموظف الذكي والموظف الغبي.. الفساد ضد النزاهة
إنتصار الماهود
كاتبة وصحافية عراقية
2024 / 07 / 23
0

”بابا شبيك الى متى تبقى غبي وما تستغل الفرص الي تجيك؟!  شوف هسة آني والحمد لله من فضل الله، عندي بيت على گدي وسيارتي بدلتها آخر موديل، وأفكر أفتح مشروع خاص بيه أضمن للتقاعد شي، خوما مثلك غبي وأخوث وما تعرف تستغل الوضع، لك هو توقيع شنو خسران جير بسامير، وقع هالأوراق ويجيك الصافي للبيت بدون ما تتعب، لا تصير إمام براسنا وتحچي بالحلال والحرام، حرك دماغك صير ذكي مثلي". 

هذا الحوار يتكرر كثيرا في أيامنا هذه، حوار بين موظف مرتشٍ فاسد وآخرى نزيه، وهنا إنقلبت الآية والمعايير الأخلاقية وإختلفت التوصيفات الوظيفية للموظفين إختلافا جذريا، نحن نعرف أن الموظف الذكي، هو الشخص  الذي يتمتع بمهارات عالية في التعلم والتكيف مع التغيرات السريعة في عمله، وهو الذي يبتكر أساليب جديدة تساعده على تطوير عمله والإرتقاء به. 

أما الموظف الغبي (الأخوث) فهو ذلك الموظف الذي يفتقد للمهارات الوظيفية، ولا يحاول أن يطور نفسه للتكييف مع بنية العمل وبيئته بل ويحاول أيضا أن يعرقل الناجحين الأذكياء كيلا يبرز فشله وغباؤه على السطح. 

لقد إنقلبت المفاهيم فعليا في الآونة الأخيرة في الكثير من المؤسسات وأماكن العمل، وتم إستبدال كلمة الفساد بالذكاء والنزاهة بالغباء، ” تعالي حبوبة أم عبد طلعي من گبرج وشوفي الضيييييم“. 

إن إنتشار الفساد والذي يعتبر آفة مجتمعية لا تقل خطورة عن المخدرات والإرهاب، لها أسباب كثيرة من الممكن معالجتها لو أردنا ذلك ”بس مو مثل ريجيم النسوان نسمع عنه وما نسويه"، فالفساد في البلد لم يكن وليد ليلة و ضحاها، بل هو تراكمات عاشها المجتمع خلال سنوات مثل، ( الإبتعاد عن الدين وعدم التفريق بين الحلال والحرام، ” شكو بيها قابل ماخذ جيب أحد هي فلوس الدولة يعني فلوسنا “، وإنعدام القيم الإخلاقية وهذه مسؤولية الأهل والمجتمع، التي يجب أن يتم زرعها منذ الصغر، ” العيب والما يصير وهذا مو إلك لا تمد إيدك عليه "،مفاهيم يجب أن تزرع فينا، لكن مع الأسف معظم من يمد يده للمال الحرام له سوابق في صغره للتقرب من المال السائب بسبب سهولة الوصول له وعدم وجود رقابة، أو عقوبة رادعة ساعدت على ذلك. 

رغم خطورة آفة الفساد المنتشرة إلا أن هنالك خطوات لو تم إتخاذها بصورة جدية يمكن القضاء على الفساد، وهي: 

1. تشريع القوانين المحاربة للفساد، رغم أن العراق شرّع القانون رقم 30 لعام2011 لمكافحة الفساد تحت مسمى، (قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع)، ويشمل هذا القانون، ( سرقة أموال الدولة، الرشوة، الإختلاس، الكسب غير المشروع، تجاوز الموظفين حدود وظيفتهم)،  وقد حدد القانون العراقي الكسب غير المشروع إذا تجاوز نسبة 20% فما فوق من قيمة الدخل السنوي للموظف أو المسؤول، والكشف عن الذمم المالية الخاصة بهم سنويا، إلا أننا نلاحظ ضعف هذا القانون، بالذات في مسألة متابعة الدخل السنوي وكشف الذمم المالية، ”بوية ناس نايمة على مليارات ومحد يدري“. 

2. التوعية المجتمعية بخطورة هذه الظاهرة، (الفساد) حيث تقع هذه المهمة على عاتق هيئة النزاهة ووسائل الإعلام أيضا والمجتمع . 

3. تخصيص مكافآت مالية لمن يبلغ عن حالات الفساد، ”ترة كلمة العفية وكتاب الشكر بهالوقت ما تفيد يا عيوني“. 

4. وضع عقوبات رادعة تتناسب مع فعل الفساد، وهنا يعتبر القانون العراقي ضعيف حيث تبلغ أقصى عقوبة للمرتشي والسارق لأموال الدولة 7 سنوات سجن، وغرامة تعادل قيمة الكسب غير المشروع وأقل عقوبة هي 6 أشهر سجن، فلو سرق شخص مليار يتساوى مع من يسرق مليون من أموال الدولة، وهي عقوبة غير رادعة بتاتا، ويحتاج المشرع العراقي لإعادة النظر في العقوبات القانونية المنصوص عليها في القانون  رقم 30، ( الي يبوك جمل مثل مثل الي يبوك بگة هاي شلون  ترهم بلة؟!). 

5. خلق فرصة عمل مناسبة للمواطن، فمعظم حالات الفساد والتكسب غير المشروع تأتي بسبب ضيق ذات اليد، فلو وجد المواطن فرصة عمل مناسبة تناسب إمكانياته ويستطيع أن يكتفي ماديا بها ستقل حالات الفساد بصورة تدريجية. 

6. تطوير الإبداع وتشجيع الموظف الذكي ومكافأته، وهذه المسألة تقع على عاتق  المسؤولين الحكوميين، في تحديد من الأكفأ الذي يستحق التشجيع والمكافأة، ” مو اللوگي والمرتشي الي يمسح لك چتافك ويجيب لك عمولتك من المقاول“. 

7. تعيين القيادات الشبابية النشطة، وربطها بالجيل القيادي القديم صاحب الخبرة للإستفادة منهم وتطويرهم. 

لقد أسس العراق الأكاديمية العراقية لمكافحة الفساد عام 2011 حسب القانون رقم 30، والتي تهدف الى تدريب وضمان توفير تعليم مستمر للكوادر الحكومية وشبه الحكومية، ونشر ثقافة النزاهة كما وتعمل على إعداد البحوث والدراسات التي ترتبط النزاهة. 

برأيكم هل عمل هيئة النزاهة في العراق كافٍ للقضاء على الفساد؟!، وما هي الآليات المناسبة برأيكم للقضاء على هذه الآفة، ننتظر مقترحاتكم.

التعليقات