الخميس 23 ذو القِعدة 1446هـ 22 مايو 2025
موقع كلمة الإخباري
الدول العربية هل ستأخذ بثأر هنية؟!
إنتصار الماهود
كاتبة وصحافية عراقية
2024 / 08 / 07
0

قررت جحافل الجيوش العربية وعلى رأسها الأردن والسعودية، بأنها ستأخذ ثأر الشهيد هنية وستتقدم الى فلسطين من جميع المحاور لتقضي على الصهيونية، وأكد ملك الأردن أنه لن يسمح لإيران و لأذرع المقاومة الشيعية، بأن تأخذ دور العرب وتكون البطلة في الدفاع عن غزة السَبية. 

هل صدقتم ما كتبته أنا؟!  بالتأكيد لا، من سيصدق أن العرب سيتحركون فعلا لأخذ ثأر أي شهيد فلسطيني؟!، على مر التأريخ لم نشاهد العرب يلعبون مثل هذا الدور المهم، فهم لم ينتصروا ل130 ألف شهيد سقط . 

هل فكرتكم بإحتمال ماذا لو كان العرب أصلا هم خلف إغتيال هنية، وهل من الممكن إستبعاد نظرية المؤامرة عن الأطراف العربية، خاصة أذرع الإخوان المسلمين بعد إبتعاد هنية عنهم؟!. 

كما نعرف أن الكثير من الشخصيات المعروفة، الفلسطينية سياسيين و مقاومين، تمت تصفيتهم في دول مختلفة عربية أو غربية ولم تصدر في وقتها ردود فعل عربية معترضة ومستهجنة، كما حدث في إغتيال هنية في إيران، والسبب بالطبع ليس سرا والكل يعرف أن هنية ذو التوجه الأخونجي قد إنحرف عن بوصلة الاخوانيين ليذهب الى أحضان إيران ودول المحور الشيعي، لكن ما الذي جعل هنية يكون أقرب للمحور الشيعي من الإخوان، خاصة ان وجودهم ثابت وقديم ولهم جمهور في فلسطين؟!. 

أولا لنفهم أن موقف أيران الداعم ليس بجديد، منذ عام 1979 كان موقفا علنيا وثابتا، حتى وصف القيادي في حماس خالد مشعل حركة حماس بأنها الإبن الروحي للإمام الخميني، بعد المواقف الساندة لها، خاصة بعد عام 2006 حينما تدخلت إيران لدعم فلسطين بشكل علني، بعد إنهيار المساعدات الخارجية وإستمرت إيران بتمويل حركة حماس والمقاومة لغاية يومنا هذا، وقد كانت العلاقات بين حماس وإيران تتعرض للتذبذب حتى عام 2014 عندما عادت للإستقرار. 

لقد ذكر الراحل إسماعيل هنية في لقاء له لقناة الجزيرة، بأن حماس تتلقى دعما ماليا من إيران وساهمت بمبلغ 70 مليون دولار لتطوير أنظمتها الصاروخية، وافادت تقارير وزارة الخارجية بأن إيران قدمت دعما ماليا يقدر ب 100 دولار سنويا للمقاومة الفلسطينية في 2020، وذكر مصدر أمني إسرائيلي، أن إيران زادت تمويلها لحماس في عام 2023 ليصل الى 350 مليون دولار. 

لقد تعرضت حماس بعد 2006 الى مضايقات وقلة تمويل ودعم، ولذلك كانت إيران الفارسية المجوسية هي الداعم والمدافع عن العرب السنة المحاصرين في غزة من قبل الصهاينة، أي مفارقة مضحكة تلك؟!، لقد كانت الدول العربية تقدم دعما خجولا لا يذكر عدا قطر، التي أعلنت أكثر من مرة عن الدعم المالي وإستعدادها لاستقبال قيادات حماس في الدوحة بعد رفض مصر إستقبالهم. 

لقد واجهت حماس إنشقاقا خارجيا وداخليا قبل وأثناء حرب غزة، أما الخارجي فمن المعروف أن حركة حماس وحركة فتح لهما رؤية سياسية وإستراتيجية تختلف في إدارة شؤون فلسطين المحتلة، وتعتبر فتح أقرب للتفاهم مع السلطات المحتلة وهي تمثل الحكومة الفلسطينية، والتي تفضل التعايش مع المحتل على العكس من حركة حماس التي تؤمن بقوة المقاومة المسلحة، لطرد المحتل ولاتفاوض أو تعايش معه مهما كان الثمن. 

أما الإنقسام الداخلي ظهر للسطح بعد إعلان هنية قربه للمحور الايراني، وحضوره لتشييع قائد فيلق القدس قاسم سليماني وتسميته ب(شهيد القدس)، رفضت قيادات داخل حماس بأن يتم التصريح بمثل هذا الكلام ودعت هنية الى العودة للخط العام للحركة، والذي هو إمتداد للإخوان التنظيم الأم، بدلا من المحور الشيعي،وبدأت الحركة بعد إغتيال هنية تبحث عن من يخلفه رغم إنهم إختاروا خالد مشعل بصورة مؤقته، ليحل محل هنية حتى يتم إختيار شخصية جديدة، وهنالك تحفظ مسبق حول شخصيات قريبة للمحورالشيعي، والشخصيات الأقرب لتولي مكان هنية، هو المشعل والمدعوم من الدكتور صلاح عبد الحق مرشد حماس، وخليل الحية المدعوم من يحيى السنوار المقرب للمحور الشيعي، و شخصية ثالثة لم يعلن عنها بعد، بالطبع ليس من مصلحة القيادات في حماس حاليا إختيار أي شخصية مقربة لإيران، خاصة بعد الاتهامات العربية والحملة الشعواء على تورط إيران في إغتيال هنية، وهو الأمر الذي لازال قيد التحقيق في الداخل الايراني،  أن الإبتعاد عن إيران حاليا سيقرب الحركة مرة أخرى للمحور العربي، والدول ذات التوجه الأخونجي كما ذكر المحللون، والذي سيساهم بصورة غير مباشرة الى إعادة ترتيب أوراق الحركة المرتبطة بتنظيم أخونجي دولي قوي يمرض ولا يموت، خاصة بعد إعلان هنية إنفصاله عنهم، والآن إختفى هذا السبب ومن الممكن العودة للخط العام للحركة. 

من يراقب المشهد الحالى وما تلته من أحداث، يجد أن هنية هو قربان آخر تم تقديمه بالتعاون مع أخوته إخوة يوسف، من أجل إنهاء حرب غزة(رأيي ولا أستبعد حدوثه)، بإبعاد مفاوض عنيد عتيد قريب للمحور الشيعي ثابت على موقفه، مثل هنية عن طريق المحتل وإستبداله بآخر، يكون أقرب لحلحة الأمور وحفظ ماء وجه الكيان الزائل ومضي الأمور كما يريد، نحن هنا لا نتهم أحدا بالخيانة لاسامح الله، لكن قراءتنا للوضع والموشرات على الساحة وتحركات القيادات العربية الخجولة واللا مبالية، هي من أوصلتنا لمثل هذه الإستنتاجات من أجل الضغط على حماس لقبول الهدنة الممهدة لإنهاء القتال في غزة، الكل يتوقع بالطبع إن إيران من خانت لكن الواقع العرب هم من خانوا كعادتهم، حين تخلوا عن إخوتهم في فلسطين وتخاذلوا عن دعمهم بقضيتهم العادلة ضد الكيان الغاصب، وتركوا فلسطين تقاتل وحدها. 

هنية لن يأخذ أحد بثاره ولن تحرك الحكومات العربية جيوشها قيد شعرة، لنصرة فلسطين أو الأخذ بثأر الشهداء عذرا يا مسلمين فتلك اضغاث أحلام لن تتحقق أبدا.

التعليقات