لو لم تكن حدود إسرائيل الحالية هي بالأصل أراضٍ فلسطينية مغتصبة من أهلها الشرعيين، لما وجدتم حزب الله يقاتلها منذ عقود من الزمان وصولاً للحرب الأخيرة التي انتهت بإعلان وقف إطلاق النار فجر أمس الأربعاء.
انطلاقاً من هذه الفرضية، صاغَ مدوّنون ومراقبون آراءَهم بما يخصَّ ما يُشاع الآن في وسائل الإعلام المؤيّدة لتل أبيب، والتي ادّعت أن "حزب الله تخلّى عن غزّة".
حيث يدور الحديث بعد يوم من إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، حول مستقبل الدفاع عن غزّة، واعتبر البعض أن حزب الله تخلى عن وصية أمينه الأسبق حسن نصر الله في إسناد غزّة.
في حين يدور حديث مخالف تماماً للرأي السابق، حيث رأى البعض أن الحزب قدّم ما يستطيع لدعم وإسناد غزة بكافة السبل.
كما أشاروا إلى أن "ما قدّمه الحزب لأهل غزة قد عجزت عنه دول" بحسب رأيهم.
إلا أن مراقبين ومدوّنين ممن تابع موقع (كلمة) الإخباري أحاديثهم وتحليلاتهم، رأوا أنّ "حزب الله اللبناني لا يمكن أن يتخلّى أصلاً عن فكرة الدفاع عن فلسطين، بل عمل منذ سنين على مقاتلة إسرائيل دفاعاً عن أرضي فلسطين ولبنان".
كما وقفَ آخرون عند الكلمة الأخيرة لأمين حزب الله الشيخ نعيم قاسم، والتي سبقت الإعلان عن (الهدنة)، وأكّد فيه أن "مقاتلي الحزب كانوا ولا يزالون يقدّمون الدعم والإسناد لغزّة"، وأضاف بأن "الحزب منع العدو الإسرائيلي من تحقيق أهدافه في التوغّل أكثر للأراضي".
ويقول المحلل السياسي غزوان حسام: إنّ "وسائل الإعلام الإسرائيلية وحتى المؤيدة لها في الخفاء تريد في هذه اللحظة استفزاز حزب الله وكيل التهم له، بعد الإعلان عن البيان رقم (4638) للمقاومة الإسلامية اللبنانية".
وتابع بأن "هذا البيان المعزّز بالأرقام والإحصائيات الدقيقة، يظهر جانب القوة والانتصار لدى حزب الله، ويفنّد كل أوهام الإسرائيليين حول تحقيق الانتصار".
وأضافَ بأنّ "الإسرائيليين وبينهم قيادات ومعارضون لم يقنعوا أصلاً بحقيقة تحقيق الانتصار، وانتقدوا رئيس الوزراء على سياساته التي ستؤدي حسب وجهة نظرهم إلى نهاية إسرائيل".
البيان الذي أشار له حسام تضمّن عبارات مستفزّة وقاهرة للإسرائيليين وقياداتها، وخصوصاً تمكن المقاومة من تحقيق النصر على العدو الذي وصفه البيان بـ "الواهم الذي لم يستطع النيل من عزيمتها ولا من كسر إرادتها".
فيما يقولُ مراقبون آخرون: إنّ "خسارة حزب الله لقياداته وخصوصاً في استشهاد السيد حسن نصر الله أقوى دليل على أنّ الحزب قدّم أكبر التضحيات في سبيل نصرة غزّة والفلسطينيين".
وأوضحوا بأنّ "الحزبَ الآن في طور استعداد أكبر، ويخوض مهمّة جديدة تتمثل بإرجاع العوائل اللبنانية النازحة وإعادة إعمار منازلها المهدمة كما وعدَ بذلك في وقت سابق".
وتابعوا بأنّ "الحزب حتى وإن كفَّ نيرانه ورشقاته الصاروخية عن إسرائيل وفقاً للهدنة؛ فإنّه لن يتوقّف عن شحذ همم حماس والمقاومين الفلسطينيين ودعمهم قدر الإمكان لمواصلة جهادهم ضد إسرائيل".
وأشاروا إلى أن "ليس من مصلحة حزب الله الآن خرق الهدنة التي لم تتحقق لولا قوّته العسكرية وقدراته التي فاقت قدرات إسرائيل، أما غزّة فإنه ربّما ينتظر إحداث هدنة مشابهة، لإعادة رصّ الصفوف للمرحلة القادمة".
كما يطرحُ آخرون تكهّنات عن مرحلة ما بعد الهدنة، ورأوا أنّ "موقف حزب الله لم يشوبه القصور مطلقاً، وأعطى درساً في المقاومة الشريفة والباسلة، ولكن على الأغلب ستنضمّ مقاومة أخرى لدعم أهالي غزّة في حال لم تتحقق الهدنة مع حماس" على حدّ تعبيرهم.
ولفتوا إلى أنّ "المقاومة القادمة لمواجهة إسرائيل لن تتوقف على حزب الله أو حماس، وإنّما ستكون الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت لظهور مقاومة عالمية، وليس هذا ببعيد جداً" حسب قوله.