الأحد 2 شَعبان 1446هـ 2 فبراير 2025
موقع كلمة الإخباري
خامنئي وترامب.. الصبر الاستراتيجي في مواجهة "الضغوط القصوى"
بغداد ـ ترجمة - كلمة الإخباري
2025 / 02 / 01
0

حتّى لو استمرّ الحال باختيار الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب لولاية ثالثة وأكثر في المستقبل؛ وحتى مع شيوع ما أصبحت تُعرف بـ "الظاهرة الترامبية"، فإن إيران التي تسعى إلى تعزيز قوّتها وتصنيع الأسلحة النووية، تبقى أمريكا بالنسبة لها عدوّة لا أكثر، كما أن المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية السيد علي خامنئي لا يثقف بالولايات المتحدة ويعتبرها قوّة إمبريالية.

بهذه الكلمات يمكن تلخيص المقال التحليلي للباحث سعيد جولكار التي نشرها معهد (Middle East Forum) وترجمها (كلمة)؛ لمعرفة التوجّهات الجديدة في سياسة الرئيس الأمريكي تجاه إيران وكذلك كيف ستكون تحرّكات الأخيرة في ظل التغيرات الحاصلة في ظل المشهد الجيوسياسي المعقّد للمنطقة والعالم.

يقول جولكار: إنه "في الوقت الذي يستعد فيه آية الله خامنئي ونظامه لمواجهة إدارة الرئيس ترامب مرة أخرى، كان التركيز منصباً إلى حد كبير على السياسات التي قد يتبناها ترامب. ومع ذلك، من المهم بنفس القدر أن نأخذ في الاعتبار وجهة نظر آية الله خامنئي واستراتيجياته المحتملة للأعوام الأربعة المقبلة".

ويضيف، "خلال فترة ولاية ترامب الأولى، أدت جهوده لإحضار إيران إلى طاولة المفاوضات إلى حالة من الجمود، وأدى استمرار موقف القيادة الإيرانية المناهض لأميركا وإحجامها عن فتح سوقها أمام الشركات الأميركية إلى انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني في عام 2018. تبع ذلك فرض عقوبات اقتصادية صارمة واغتيال الجنرال قاسم سليماني، وهو شخصية عسكرية رئيسية وحليف وثيق لخامنئي، في يناير/كانون الثاني 2020".


وأوضح بأن إيران بعد الاتفاق النووي "تمكنت من تعزيز اقتصادها، حيث صدرت ما يقرب من مليوني برميل من النفط يوميًا وجمعت أكثر من 150 مليار دولار. وقد مكنت هذه الأموال إيران من تعزيز قدراتها الأمنية والعسكرية، وتكثيف برامجها الصاروخية (...)، ولكن على الرغم من هذه التطورات، فإن الأزمات السياسية والاقتصادية الأخيرة قوضت موقف إيران بشكل كبير".

ولكن جولكار يرى أن "معاداة أميركا هي أحد ركائز النظام الإيراني، كما أن آية الله خامنئي لا يثق بالولايات المتحدة، ويعتبرها قوة إمبريالية".

ينطلق جولكار في حديثه هذا من معطيات كثيرة، ومنها أن آية الله خامنئي أوضح قبل أيام قليلة، أن "الولايات المتحدة تريد انتزاع إيران من أيدي الثوار" مضيفاً "لا يوجد فرق بين الديمقراطيين والجمهوريين، فكلاهما لديه نفس الأهداف ونهج مختلف" ولهذا السبب وبحسب الكاتب فقد "منع آية الله خامنئي أي مفاوضات مع الولايات المتحدة حتى بعد توقيع إيران على الاتفاق النووي. وهذا يفسر لماذا لم تتمكن إدارة بايدن من تطبيع العلاقات مع الجمهورية الإسلامية".

وبالإضافة إلى العداء التاريخي لأميركا، يلفت جولكار إلى أن "هناك استياء هائل تجاه الرئيس ترامب لقتله سليماني وفرض العقوبات الاقتصادية خلال إدارته الأولى. ووصف خامنئي ترامب بأنه "دجال ورئيس فظ" وقال إنه لا يريد أن يقضي وقته في الرد على "غروره وهرائه".

وعلى الصعيد ذاته، توقّعتْ مراكز بحثية ومحللون ووسائل إعلامية، أن يتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خيارات جديدة لم يعمل عليها فيما مضى خلال فترة ولايته الأولى، وذلك بما يخص إيران؛ بعد أن حقّقت الأخيرة تقدماً هائلاً في برنامجها النووي، وباتت على أعتاب القدرة لتطوير سلاحها النووي الجديد، ومع ذلك يبقى التنبؤ بمسار العلاقات بين طهران وواشنطن أمراً صعباً للغاية؛ بالنظر إلى سرية وتعقيد الديناميكيات المحلية والجيوسياسية.

ويقول آرون ميلر، وهو زميل بارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي في مقال له ترجمه (كلمة): إن "ترامب في الفترة الرئاسية الأولى للولايات المتحدة كان انتهازياً ومرتجلاً في تعامله وسياسته الخارجية، فهو يربطها بمصالحه المالية والسياسية وأهوائه وغروره"، مضيفاً أن "ترامب الآن مختلف جداً وستكون له سياسة خارجية مختلفة تماماً".

ويقول ميلر: "على العموم قد يكون الشرق الأوسط أكثر ميلاً إلى الدبلوماسية وليس الحرب، وهو أمر سيعمل عليه ترامب مع إيران".

وفيما تتوقّع تقارير لوسائل إعلامية تابعها وترجمها (كلمة) بأن تستأنف إدارة ترامب حملة (الضغوط القصوى) على إيران، ولكن هناك دلائل تشير إلى أنه "قد يتبنى نبرة أكثر اعتدالاً لتشجيع الحوار معها.

كان ترامب يقول صراحة: إن "هدفه الأساسي هو منع إيران من تطوير الأسلحة النووية"، إلا أن أنه كان يشير إلى "الوقت القصير الذي تمتلكه إيران لتحقيق ذلك".

واعتبرت وسائل الإعلام بأن "غياب التقارير الأميركية عما يخص الملف الإيراني وعدم انتقادها سجلّها الحقوقي كما في الوقت السابق، خلال اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، يشكل مثالاً واضحاً على تغير السياسة الأمريكية تجاه طهران".

ويقدّم المحلل السياسي في الشؤون الإيرانية والمقيم في الولايات المتحدة علي أفشاري، تحليلاً مختلفاً عما تذهب إليه وسائل الإعلام.

يقول أفشاري في مقال جديد نشره باللغة الإنجليزية وترجمه (كلمة): إن "هناك مفاوضات وآفاق مستقبلية تنتظر العلاقة ما بين واشنطن وطهران، والتي ستختلف تماماً عن الفترة السابقة".

بحسب أفشاري فقد "أبدى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وأعضاء كبار في إدارته استعدادهم للتفاوض مع إدارة ترامب، ولكنهم في الوقت ذاته مترددون في كيفية التعامل، وأشاروا إلى عدم الثقة في نوايا واشنطن والمخاوف بشأن الحلفاء الإقليميين".

ويلفت أيضاً إلى أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية أثبتت قدرتها على التكيف في ظل التهديدات الوجودية".

ويضيف بأن "استراتيجية المرشد الأعلى السيد علي خامنئي تتمثل في تأخير المفاوضات، وتشكيل التحالفات، وتعزيز القدرات المحلية لتحمل العقوبات. ويتلخص الهدف في الوصول إلى الوقت والمكان المناسبين حيث يستطيع ممثلوه التفاوض في موقف أفضل، وقبول مخاطر الصعوبات الاقتصادية المطولة والعزلة الإقليمية".

ويبين بأن "نهج خامنئي يرتكز على ما يُسمى بالصبر الاستراتيجي، وهو ما يعتمد عليه باستمرار فيما يفتقد له الرئيس الأمريكي".

فيما قال معهد الشرق الأوسط (Middle East Institute) في تحليل جديد ترجمه (كلمة): إن "البرنامج النووي الإيراني هو أحد الأسئلة الحاسمة التي ينبغي لإطار الشراكة الإقليمية بين الولايات المتحدة والدول العربية الرئيسية أن يتناولها".

وتابع بأن "من المرجح أن يهيمن الملف النووي على الأشهر الأولى من إدارة ترامب الثانية، وسيكون من المفيد أن تنشئ الولايات المتحدة مجموعة اتصال إقليمية غير رسمية لإنتاج تماسك دبلوماسي أقوى مع الشركاء الإقليميين المهمين بشأن ما يجب القيام به بشأن البرنامج النووي الإيراني".

ورأى المعهد بأن "عودة ترامب إلى سياسة (الضغط الأقصى) على إيران جهد يركز بشكل أساس على فرق تكاليف اقتصادية عليها، ولكنه سيكون أكثر تعقيداً في التنفيذ هذه المرّة".

ويلفت إلى أن "تعقيد التنفيذ يعود إلى أن طهران نجحت في تحمل حملة "الضغوط القصوى" لإدارة ترامب الأولى، لكن القيام بذلك جاء بتكلفة باهظة. ومع عودة ترامب الآن إلى البيت الأبيض، تحاول طهران بوضوح منع أي تشديد آخر للعقوبات بشكل استباقي".

وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد حث الرئيس الأمريكي على عدم إحياء حملة "الضغوط القصوى" بل السعي إلى "أقصى قدر من الحكمة" في التعامل مع إيران، وفي  هذه الحالة يمكن توقع أن ترد طهران بالمثل لتجنب الصراع.



التعليقات