شامل عبد القادر
لم تتبق من الاسماء الثقافية العتيدة في عراق اليوم الا اعداد محدودة نعرفها كما نعرف اسماءنا بعد ان اختلط الحابل بالنابل في العملية الثقافية والاعلامية الراهنة وربما كانت من أبرز واشنع اخطاء الانتاج المعرفي والاكاديمي لما قبل 2003 استسهال الحصول على لقب " دكتور " خاصة بعد ان فرضت امريكا حصارها الاقتصادي الظالم على العراقيين وما افرز الحصار من قيح سلوكي غطاؤه الرشوة والتساهل في جامعات العراق بعد ان اصبح الاستاذ الجامعي خلال 1991-2003 يتناول " العروك والباذنجان!" وجبة رئيسية بسبب جفافه الاقتصادي ونجم عن هذا قاعدة رخوة من التعامل اللاخلاقي بين طالب الدراسات العليا والمشرف !
ولايفوتني ان اذكر ان عددا من حملة " الدكتوراه" في التسعينيات هم ما أطلق عليهم من "اولاد الحصار" وان اغلب ما اصادفه اليوم اواصطدم به هم من تلك الكائنات التي تخرجت في اروقة المعهد العربي وكليات المستنصرية وبغداد آنذاك!
ليس الغرض النيل من الزملاء الدكاترة فقد اصبحوا اصحاب عناوين وليس اصحاب مشاريع ثقافية واعلامية وفكرية في الاغلب العموم لكنني اشير الى البعض حصرا ممن صار لاينسجم كليا بين محتواه ووعائه الثقافي وعنوانه حتى بات نكتة في اوساط المثقفين.. اذ كيف يمكن لنا ان نتخيل توافق حقيقي بين
"الدكتوراه" والتعصب وربما الانتماء الى مراتب دونية من شرائح اجتماعية تحولت لدى هذا البعض سلاحا فتاكا بعد ان لف شهادته وطواها ورماها فوق الرفوف العالية؟ كيف نتخيل شخصا بعنوان دكتور لايجيد فن السجال والحوار والاقناع وسلاحه في كل جلساته لسانه الوسخ وخلفيته الاجتماعية والثقافية المتدنية ؟!
ربما سيرد علي البعض ان الذنب هو ذنب المرحلة التي يمر بها العراق التي تتسم بالخرافة والتجهيل وهيمنة النفوذ العشائري على حساب المدنية والتحضر والثقافة .. ولكني اقول يبقى الانسان هو نفسه الاخلاق كما هي وليس كما تكون .. وربما نطلب الانسان الاخلاقي بطريقة أفضل بالاف المرات من بقال بسيط اوصاحب مقهى مكافح من اجل لقمة العيش اكثر الف مرة من حامل شهادة عليا لا يملك ذرة من الاخلاق العراقية الراقية التي تعرفنا عليها منذ اكثر من قرن!
في العالم المتحضر عندما يختلف اثنان في الراي لا يلجأن الى الشتم والسب والطعن وتشويه السمعة الا في عراق اليوم حيث بمقدورنا ان نعثر على البعض من نماذج عارية تماما من اي خلق في قيصرية المتنبي !!
من المسؤول عن رداءة اخلاقية المثقف وتدهور (صحته) الاخلاقية – ان صح التعبير – هل هي اصوله الاجتماعية البائسة قبل التحول ام بيئته الفكرية والسياسية التي انتجت لنا مسوخا بشرية لبست قناع المثقف ؟!