ها هُنا نقطةٌ ينبغي التأمّل فيها، هل تُعدُّ الانتخابات إعانةً على الفساد؟
الانتخابات – في حدّ ذاتها – أمرٌ أقرَّه الدستور، فلكلّ مواطنٍ في هذا البلد حقّ المشاركة وحقُّ المقاطعة
والمشاركة لا يُراد منها الذهاب إلى الصندوق و اختيار المرشح كيفما كان، بل ينبغي أن يراعى الله تعالى في اختيار هذا المُرشح.
ليس من المعقول أنَّ مئات المُرشَّحين ليس فيهم من هو أهلٌ للانتخاب، والثقة، والترشيح.
ولنفرض أنَّهم جميعاً فاسدون، فهل مرشحو المكوّن الآخر أهل نزاهةٍ وإيمانٍ وتقوى؟
إنَّك بعدم الذهاب لصناديق الانتخاب تفوّت على أبناء مذهبك كثيراً من حقوقهم، سيصعد فاسدو المكوّن الآخر ويتحكّمون بك كيف يشاءون.
أنت الآن تنتقد الحكومة، وتمزق صور المرشحين، وتقوم بمظاهرات في ظلِّ من تصفهم بالفساد، فهم – على فسادهم – يعطونك مساحةً واسعةً من حريَّة الرأي
ولكن، لو صلت إليهم وأردت التكلّم عليهم سيقطعون لسانك مثلما حدث قبل ثلاثين سنةً لا أكثر، و مقاطع الفيديو موجودة
ولو أردت الخروج بمظاهرة سيقمعونك بالرصاص الحيّ، وسيكون العالَم كلُّه معهم عليك؛ فقد اتفق العالَم جميعاً على مقتك، والمقت أشدُّ أنواع الكره
لن تستطيع تمزيق صورةٍ واحدةٍ بعد الآن لو وصل الحكم إليهم، سيكسرون يدك، ولن تكون هناك انتخابات مرةً أخرى سيتغيَّر نظام الحكم بما يجعله لهم على الدوام.
في حكومة الشيعة التي تنكرها وتكرهها، بُنيت في مُدنك المجسَّرات والأنفاق والمطارات والملاعب والمستشفيات
في ظلّ هذه الحكومة التي تُبغضها صرت تسافر إلى دول العالَم للعلاج والسياحة والزيارة
في ظلّ هذه الحكومة صرت تشتري السيارة والسيارتين تقف في باب بيتك، ويأتيك الطعام “دلفري” بعدما كنت تحلم برغيف خبزٍ أبيض تأكله في ظلّ نظام البعث البائد.
هل نسيت أيَّام السوق إلى الخدمة العسكريَّة، وليس عندك أجرة ذهابك وإيابك وتقف في سيارة الريم طوال ساعات الطريق بعد أن تُخبر السائق والذلَّة على محيَّاك بأنَّك لا تملك “الكروة”؟
هل نسيت كيف تفصّل من البطانية “جاكيت”؟
هل نسيت يوم بعت “شيلمان” بيتك وشبابيكه وأبوابه لتشتري لقمة خبز؟
هل نسيت قتل علمائك ومراجعك؟
هل نسيت الاعتقالات بالجملة من ضريح الإمام الحسين (عليه السلام) لا لشيءٍ إلَّا من أجل رفع الأصوات بالصلاة على محمدٍ وآل محمد (صلى الله عليه وآله)؟
نعم، الكهرباء غير جيدة، ولكن من تسبَّب بضرب محطَّات الكهرباء غير النظام المقبور لمَّا دخل الكويت؟ لماذا لم تحمل تابوتاً يُمثّل جنازة الكهرباء وتمشي به في الشوارع أيَّام صدام؟
لن تجرؤ على ذلك؛ لأنَّه سيُنهيك بلحظةٍ أنت ومن معك وعوائلهم، ولكنَّك تجرؤ على ذلك في أيَّام الحكومة القائمة
هل هذا دفاعٌ عن النظام القائم الآن؟
نعم، ولا استحي من الاعتراف بهذا، نار أهل جلدتي ولا جنَّة غيرهم.
والعافية درجات.