الأربعاء 21 رَجب 1446هـ 22 يناير 2025
موقع كلمة الإخباري
يسألونك عن التعليم!

رعد أطياف

من يتصفح المناهج الدراسية، وخصوصاً المرحلة الابتدائية، سيخرج بنتيجة مفادها؛ أن من وضع هذه المناهج ليس غبياً تماماً، فهو يعرف ماذا يريد، والذي يريده ببساطة شديدة: هو تنشئة جيل كاره وحاقد لكل عملية ترتبط بالتعليم بصلة. المناهج الدراسية المتوفرة حالياً مقدمة لجيل منحط تعليمياً، جيل كافر بطرق التدريس التي لا تختلف عن الألغاز بشيء.

تعلم الكوادر التدريسية تماماً صعوبة المنهج الدراسي وخصوصاً الرياضيات. وبما أنهم (المخلصون منهم) لا يستمع إليهم أحد، فقد تحولت طرائق التدريس إلى معسكرات ضبط! من خلال الضغط على أولياء الأمور بكثرة الواجبات البيتية.

وبالطبع لم تعد المدرسة كمؤسسة تربوية متكاملة، بل هي إلى الثكنات العسكرية منها أقرب إلى المدارس؛ كثرة الطلاب وضيق المساحة، يرتصف الطلاب في صفوفهم كما لو أنّهم بضاعة متكدسة في مخزن متعفن!.

معلوم أن مناهج التعليم تتناسب طردياً مع التطور الحاصل في البلد، وما نشاهده في هذا البلد اللغز على العكس تماماً، فكل شيء يجري فيه عكس التيار بقصدية واضحة. بدأت ملامح الملل والإحباط تتسلل في العائلة العراقية نظراً لصعوبة المناهج المبالغ فيها، ولكوني رب أسرة أدرك صعوبة التحدي الذي تعانيه الأمهات مع أبنائهن وهنَّ يحاولنَ فك الطلمسات العصيّة على الفهم. وأعلم جيداً ثمّة كثير من أرباب العوائل ممن يشاطرني هذه المعاناة.

ما من زقاق بشكل عام يخلو من هذه العبارة" يوجد لدينا دورات تقوية .."، وهي عبارة مخاتلة يقصد منها توفير مدرس خصوصي يتقاضى أتعاب إضافية بعد الدوام!، ودافع إضافي للتكاسل عن أداء واجبه في الصف المدرسي، ليؤشر لنا بوضوح انهيار عملية التعليم برمّتها.

كل شيء يتجه نحو الخراب، وحصة التربية والتعليم ستكون الحصة الأكبر في هذا الخراب. تقاس النوايا الحقيقية لأي حكومة بمقدار اهتمامها بالتعليم، وإذا رأينا العكس فهذا يعني وجود خطة طويلة الأمد لتدمير العملية التعليمية وإفقار البلد من كوادره الكفوءة واستبدالهم بآخرين لا علاقة لهم بالتعليم وهمومه سوى ما ينتظرونه من مستحقاتهم، إذ لا يعقل خلوّ البلد من الخبرات الكفوءة بهذا الشأن.

عملية التدمير جارية على قدم وساق، وخصخصة التعليم تمشي بوتيرة محببة لذوي الشأن!، وعمّا قريب يتحول العراق إلى شركة تدار من قبل شلة من المنحطين.

وينضاف إلى بطالتنا المقنعة وسياستنا المقنعة وحريتنا المقنعة!، أمية مقنعة ومعلمون مقنعون، وبلد مقنع لا تحيا فيه سوى الأسطورة وأدبيات الخرافة والتقديس والتجهيل. يا الهي!، ما هو حجم الكراهية والانتقام الذي يضمره هؤلاء لهذا الشعب.

التعليقات