طهران - متابعة صحفيو كلمة: اتسعت الاحتجاجات المعيشية في إيران أمس، لتشمل طهران ومدناً أخرى، وفضّتها الشرطة التي أوقفت متظاهرين، فيما اتهم نائب للرئيس حسن روحاني خصومه الأصوليين بتدبيرها، محذراً من أنهم "سيحرقون أصابعهم".
إلى ذلك أعلن "الحرس الثوري" الإيراني "لن يسمح بتعريض البلاد لمكروه". ودعا إلى "وعي وطني لمواجهة مؤامرات جديدة للعدو".
ويعتقد الحرس الثوري أن هناك ثمة تآمر خارجي على نظام ولاية الفقيه تعكس الاحتجاجات -على محدوديتها- والشعارات التي تُطلق خلالها، مزاجاً شعبياً غاضباً من انخراط متزايد لإيران في أزمات المنطقة، بينها سورية والعراق ولبنان واليمن، وإهمالها حاجات شعبها الذي يعاني وضعاً معيشياً صعباً، ولم يلمس ثمار الاتفاق النووي المُبرم بين طهران والدول الست عام 2015.
كرمانشاه
وفي التفاصيل، أوضحت صحف عربية أن في كرمانشاه غرب إيران، تجمّع حوالى 300 متظاهر، في أسمتهم وكالة فارس التابعة للمخابرات الإيرانية بـ "دعوة من معارضين للثورة"، وقالت في تقرير تابعته صحيفة كلمة "أطلقوا السجناء السياسيين" و "الحرية أو الموت" و "لا تهتموا بفلسطين، فكروا بنا"، وأتلفوا ممتلكات عامة.
كما أظهرت مقاطع فيديوية بثتها مواقع التواصل الاجتماعي متظاهرين يصرخون: "الناس تتسول ورجال الدين يتصرفون مثل آلهة"، قبل أن تفرّقهم الشرطة.
وقسم كبير من المتظاهرين في كرمانشاه ممن تعرضوا مؤخراً لزلزال أوقع 600 قتيل الشهر الماضي، مواطنون خسروا أموالهم نتيجة انهيار مؤسسات تسليف غير مرخصة.
وبحسب ما أفادته وكالة تسنيم الإيرانية، فإن "المتظاهرين طالبوا بكشف مصير حساباتهم، والشرطة تعاملت معهم بروية، على رغم عدم حصولهم على إذن بالتظاهر.
طهران
كما تجمّع حوالى 50 شخصاً في طهران، احتجوا على الغلاء والسياسات الاقتصادية لحكومة روحاني.
وأعلن نائب الحاكم حسن حمداني أن معظمهم غادر المكان استجابة لطلب الشرطة، مستدركاً أن السلطات احتجزت لفترة وجيزة عدداً ضئيلاً منهم رفضوا الطلب.
أصفهان
وفي مدينة أصفهان، خرج محتجون من عمال مصنع يطالبون بأجورهم. وقال شاهد: "سرعان ما تحوّلت الشعارات من الاقتصاد إلى مناهِضة لروحاني والمرشد" علي خامنئي. وأفادت تسجيلات بُثت على مواقع التواصل الاجتماعي بتنظيم احتجاجات في مدن أخرى، بينها ساري ورشت وقم وهمدان.
يأتي ذلك بعد توقيف 52 شخصاً في مدينة مشهد، نظموا احتجاجاً الخميس على الغلاء والبطالة، وهم يهتفون "الموت لروحاني" و "الموت للديكتاتور" و "لا غزة ولا لبنان، حياتي لإيران" و "اتركوا سورية، فكروا بنا".
واعتبر رئيس المحكمة الثورية في مشهد حسين حيدري، أن التظاهر "حق للشعب"، واستدرك: "إذا أراد بعضهم استغلال مشاعر المواطنين، فلن نصبر وسنتصدى لهم".
إلى ذلك دعا خطيب صلاة الجمعة في مشهد أحمد علم الهدى المسؤولين الإيرانيين إلى "الاهتمام بمطالب الشعب، تجنباً لاستغلالها من الأعداء".
لكنه عاد واستدرك محذراً مما وصفه بـ "استغلال" هذه المطالب، قائلاً: "إذا تركت أجهزة الأمن مثيري الشغب وشأنهم، فسينشر الأعداء تسجيلات وصوراً في إعلامهم ويقولون إن النظام الإيراني فقد قاعدته الثورية في مشهد".
وأضاف علم الهدى، وهو عضو في مجلس خبراء القيادة وممثل خامنئي في مشهد: "بعضهم خرج للتعبير عن مطالبه، ولكن فجأة ردّدت مجموعة لا يتعدى عددها الخمسين وسط حشد بالمئات، هتافات مغايرة ومريعة، مثل (اتركوا فلسطين) و(أضحّي بحياتي في سبيل إيران) و(لا غزة أو لبنان)".
ورأى خطيب صلاة الجمعة في مشهد أحمد علم الهدى، أن التجمّع في المدينة "على الغلاء كان محقاً"، داعياً المسؤولين إلى "الاهتمام بمطالب الشعب، تجنباً لاستغلالها من الأعداء
فيما لفت النائب الأول لروحاني إسحق جهانكيري، إلى "أحداث وقعت في البلاد بذريعة مشكلات اقتصادية"، مستدركاً: "يبدو أن هناك أمراً آخر وراءها".
ولمّح إلى أن الخصوم الأصوليين نظموا التظاهرات، قائلاً: "يعتقدون بأنهم يؤذون الحكومة بما يفعلون. أثق بأن ذلك سيرتد عليهم وسيحرقون أصابعهم". وتابع: "عندما تُطلَق حركة اجتماعية وسياسية في الشوارع، فإن مدبّريها لن يكونوا بالضرورة قادرين على السيطرة عليها في النهاية".
أما "الحرس الثوري"، فشدد على "ضرورة الوفاق والتعاضد والتحلّي بوعي وطني، لمواجهة مؤامرات العدو الجديدة وخطط مضمري الشرّ لإيران".
وحضّ السيناتور الجمهوري توم كوتون، الإدارة الأميركية على دعم الاحتجاجات في إيران، وورد في بيان أصدره انه "حتى بعد بلايين (الدولارات التي نالتها طهران) في تخفيف العقوبات من خلال الاتفاق النووي، لا تزال عاجزة عن تأمين الاحتياجات الأساسية لشعبها، ربما لان الكثير من تلك الأموال دفع في حملة عدائية اقليمية، في سورية ولبنان والعراق واليمن". واعتبر ان الاحتجاجات "تُظهِر أن النظام الذي تقوده أيديولوجيا الكراهية، لا يمكنه الحفاظ على تأييد شعبي واسع إلى الأبد". وزاد: "يجب أن ندعم الشعب الإيراني الراغب في المخاطرة بحياته للتعبير عن معارضته".
المصدر: وكالات