الخميس 22 رَجب 1446هـ 23 يناير 2025
موقع كلمة الإخباري
هل تمكن العراق من إصلاح "هيكلة" مصارفه الحكومية؟
بغداد - كلمة الاخباري | المحرر: حيدر علي
2024 / 12 / 05
0

كثيرة هي الإشكاليات التي تعصف بالقطاع المصرفي العراقي، بدء من تباطؤ الإجراءات وعدم وجود تسهيلات تشجع المواطنين على التعامل مع المصارف والمحسوبيات، وتغيب الشفافية، وصولا إلى الفجوة الكبيرة في التقدم التكنولوجي الذي يعوق سرعة إنجاز المعاملات المالية.

إلا أنه وفي تطور جديد، اكدت شركة إرنست ويونغ للخدمات المهنية، اليوم الخميس، ان هيكلة مصرف الرافدين وصلت إلى 74% ، الأمر الذي يشير بأن العراق بات على طريق إصلاح هيكلة مصارفه.

وتسعى الحكومة العراقية والاتجاهات المالية والمصرفية القريبة منها إلى تسويق فكرة الإصلاح المالي، وتجاوز العقبات التي تواجهها البلاد جرّاء تخلف نظامها المصرفي، ومن أبرز مظاهره المشكلة المعقدة المتعلقة بالسيطرة على الحوالات الخارجية وعدم السماح لبعض المصارف بتهريب العملة، في وقت لا يزال الاضطراب في أسعار صرف الدينار العراقي متواصلاً، حيث تراجعت قيمته في الأسبوعين الأخيرين لتبلغ 1500 دينار مقابل الدولار الواحد، علما بأن السعر الرسمي يعادل 1320 ديناراً للدولار.

وقال فراس كيلاني، الخبير في مشروع الهيكلة من الشركة البريطانية، في بيان للبنك المركزي واطلع عليه (كلمة)، حول ترأس محافظ البنك المركزي علي محسن العلاق إجتماعاً موسعاً لمناقشة مشروع إعادة هيكلة مصرف الرافدين، إن “مشروع هيكلة تقدم بشكل كبير جداً منذ بدئه في أيلول من عام 2024 ووصل حالياً إلى 74٪ وسيتم الانتهاء من المرحلة القادمة من نطاق العمل نهاية الشهر الجاري، والانتقال إلى مرحلة متقدمة في هذا المشروع”.

وبين المدير الإقليمي للبنك الدولي في العراق إيمانويل ساليناس، “واقع العمل على هذا المشروع الذي طرح فيه الفرص المتاحة ضمن بيئة العمل المصرفية في العراق وآلية تطوير مخطط الهيكلة في جانبيه التشغيلي والمالي”.

فيما أكد المحافظ أن “دعم رئيس الحكومة في هذا الجانب سرَّع بشكل إيجابي تقدم المشروع، للوصول الى مراحل مهمة في عملية الهيكلة والتطوير في مصرف الرافدين”.

وتراجعت نسبة استحواذ 12 مصرفا عراقيا على ودائع القطاع الخاص في العراق خلال النصف الأول من العام الحالي مقارنة بالأعوام القليلة الماضية، بحسب تقرير لمؤسسة “عراق المستقبل” للدراسات والاستشارات الاقتصادية.

ووفقا للمؤسسة، فقد بلغت نسبة استحواذ هذه المصارف على ودائع الجمهور في النصف الأول من هذا العام ما نسبته 47 بالمئة بعد أن كانت في العام 2019 تشكل نسبة استحواذها على الودائع 34 بالمئة فقط.

أما المصارف العراقية التي لديها القدرة على التعاملات المالية الخارجية والتي لا تملك بنوكا امريكية مراسلة والبالغ عددها 12 مصرفا فقد بلغت نسبة استحواذها على ودائع القطاع الخاص في منتصف العالم الحالي 36 بالمئة بعد أن كانت نسبة استحواذها على الودائع في 2019 تبلغ 42 بالمئة.

أما المصارف العراقية التي تم تحديد تعاملاتها الخارجية فإن نسبة استحواذها على الودائع في منتصف 2024 بلغت 17 بالمئة بعد أن كانت نسبة استحواذها على ودائع القطاع المصرفي الخاص 25 بالمئة.

وتوقعت المؤسسة في تقريرها أن تترفع ودائع المصارف الثلاثة والتي أغلب أسهمها مملوكة لمؤسسات أجنبية، و ان تصل في نهاية العام 2024 الى نسبة استحواذ تتجاوز 50 بالمئة، من ودائع الجمهور مع تراجع ودائع الجمهور لدى المصارف الخاصة التي تم تحديد تعاملاتها الخارجية.

وتأبى الكثير من المصارف العالمية الدخول إلى العراق، كونه “بيئة غير آمنة”، إذ يبلغ عدد المصارف الأجنبية التجارية 16 مصرفا يتبع كلا من تركيا ولبنان وإيران والأردن، مع وجود مكتب لمصرف “سيتي” الأميركي وآخر لمصرف “كوميرز” الألماني، حيث يتخذان من فندق بابل ببغداد مقرا لهما.

وكان العراق تعاقد مع مصرف جي بي مورغان الشهير مطلع العام الحالي، بالتزامن مع بدء الإجراءات الأمريكية تجاه المصارف العراقية، للحد من تهريب العملة خارج البلد، لاسيما وأن وزارة الخزانة الأمريكية هددت بفرض عقوبات على المصارف، وذلك بعد فرض عقوبات على 4 مصارف مملوكة لرجل الأعمال علي غلام، ومنها مصرف الشرق الأوسط.

وكان مجلس الوزراء، وافق مطلع العام الحالي، على التعاقد المباشر مع شركة آرنست ويونغ، لدراسة موضوع إعادة هيكلة مصرفي الرافدين والرشيد، وتقديم توصياتها بشأنهما، واقتراح خارطة طريق بهذا الشأن، خلال 6 أشهر، والتعاقد المباشر من المصرف الصناعي مع شركة آرنست و يونغ، لدراسة موضوع دمج المصارف الصناعي، العقاري، الزراعي في مصرف واحد من خبراء مختصين لديها.

كما وافق على التعاقد مع الشركة المذكورة، لدراسة موضوع دمج شركة التأمين الوطنية مع شركة التأمين العراقية، في شركة واحدة من خبراء ومختصين لديها.

ومر النظام المصرفي العراقي بعدة مراحل بدءا منذ العام 1867، فكان أقدم مصرف عرف في العراق هو البنك العثماني ثم بنك الشاهنشاه الإيراني والبنك الشرقي البريطاني، ثم بدأت بعدها مرحلة الصيرفة العراقية الوطنية عام 1935 التي شهدت إنشاء المصرف الصناعي الزراعي الذي انشطر بعد عام 1940 إلى مصرفين هما: المصرف الزراعي والمصرف الصناعي، ومن ثم في العام 1948، تأسس المصرف العقاري وكان الغرض الرئيس منه تمويل شراء الدور من قبل الافراد.

وفي العام 1941 تأسس مصرف الرافدين، وهو المصرف التجاري الوحيد في العراق، وفي 1947 تأسس البنك المركزي العراقي تحت مسمى “المصرف الوطني العراقي”.

ويضم العراق، بحسب موقع البنك المركزي العراقي، 80 مصرفا عاملا، منها 62 محليا و18 مصرفا عبارة عن فروع لمصارف أجنبية.

يشار إلى أن القطاع المصرفي العراقي، مهمل من قبل المواطنين الذين فقدوا الثقة به، وبحسب أرقام البنك الدولي الصادرة العام الماضي، فإن 23 بالمئة فقط من الأسر العراقية لديها حساب في مؤسسة مالية، وهي نسبة من بين الأدنى في العالم العربي، ولاسيما أن أصحاب تلك الحسابات هم من موظفي الدولة الذين توزع رواتبهم على المصارف العامة نهاية كل شهر، لكن هذه الرواتب أيضا لا تبقى طويلا في الحسابات، إذ سرعان ما تتشكل طوابير أمام المصارف من الموظفين الذين يسحبون رواتبهم نقدا ويفضلون إبقاءها في بيوتهم.

يشار إلى أن النظام المصرفي الحالي، يعيش حالة إرباك كبيرة نظرا لمحاولة السيطرة على تهريب الدولار، فضلا عن الاتهامات بالفساد والتهريب التي طالت العديد من المصارف، ومنها حكومي.

يذكر أن واشنطن دخلت على خط أزمة تهريب الدولار العام الماضي، وجرى إخضاع العراق لنظام سويفت العالمي، ما خلق فجوة بين السوق الموازي والرسمي، وزاد من فقدان الثقة بالمصارف العراقية، حيث تعرضت العشرات إلى عقوبات أمريكية وأخرى عراقية دون معالجة أموال المودعين، فضلا عن تورط أغلب المصارف حاليا بعمليات التهريب، حسب ما أكدت وزارة الخزانة الأمريكية.



التعليقات