أنهى طالب بالصف الثاني الإعدادي في مصر، لم يتجاوز 13 عاماً، حياته شنقاً داخل غرفته، بعد انغماسه في تحديات "لعبة الحوت الأزرق" القاتلة. وتعود اللعبة لتفرض نفسها كظاهرة مرعبة في العالم الرقمي، مستهدفة المراهقين في واحدة من أخطر صور الإرهاب الإلكتروني.
فكيف تصطاد اللعبة ضحاياها؟ ولماذا المراهقين؟
قال الدكتور محمد محسن رمضان، رئيس وحدة الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني بمركز العرب للأبحاث والدراسات للعربية نت "ظهرت لعبة "الحوت الأزرق" لأول مرة عام 2013 في روسيا، وانتشرت على نطاق أوسع بعد 2016، وارتبطت بسلسلة من حوادث الانتحار بين المراهقين الروس.
مبتكرها، فيليب بوديكين، وهو شاب لم يتجاوز الـ21 عاماً آنذاك، أُدين بالتحريض على الانتحار وسُجن رسمياً.
وتكمن خطورة "الحوت الأزرق" في أنها ليست مجرد تطبيق يمكن حظره أو إزالته، بل هي شبكة تحديات تُدار عبر مجموعات مغلقة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويفرض المشرفون سيطرتهم النفسية على المراهقين باستغلال اضطراباتهم العاطفية وحساسيتهم النفسية، مستخدمين ما يعرف في علم النفس بـ "الرباعي المظلم" (السادية – النرجسية – الميكيافيلية – الاعتلال النفسي)".
وأوضح الدكتور محسن رمضان أن البداية تكون بتكليف المراهق بمهام بسيطة مثل رسم حوت على جسده باستخدام أداة حادة. ويأتي التصعيد من خلال مشاهدة أفلام رعب، الاستيقاظ في ساعات متأخرة، والعزلة عن الأصدقاء والعائلة.
وفي النهاية، يتم تكليف الضحية بمهمة الانتحار كإثبات "الولاء" للتحدي. وبهذه الخطوات الممنهجة، تتحول اللعبة إلى مصيدة نفسية توقع الأطفال والمراهقين في شِراكها دون أن يدركوا.
كيف تُلعب "الحوت الأزرق"؟
تُدار اللعبة عبر مجموعات مغلقة على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يتواصل "المشرف" مع المشاركين بشكل فردي أو جماعي، مستغلًا حاجتهم للانتماء أو رغبتهم في التحدي.
وتتكون اللعبة من 50 مهمة تُنفذ على مدار 50 يوماً، تبدأ بمهام بسيطة ثم تتحول تدريجيًا إلى خطوات أكثر خطورة وصولاً إلى النهاية المميتة.
لماذا تستهدف المراهقين؟
من ناحيته، قال مساعد أول وزير الداخلية المصري الأسبق، اللواء أبوبكر عبدالكريم، في تصريحات خاصة لـ "العربية.نت": "المرحلة العمرية الحرجة، الفئة العمرية 12 – 16 عاماً هي الأكثر قابلية للتأثر النفسي، إضافة إلى الرغبة في التحدي والتمرد.
ويبحث المراهق عن المختلف والمثير، والعزلة الاجتماعية، حيث توفر بيئة مثالية لاستغلاله من قبل المشرفين.
ومن الأسباب الرئيسية أيضاً ضعف الوعي الرقمي، مما يجعل المراهق فريسة سهلة لأي محتوى مضلل.
حماية أبنائنا مسؤولة عن ذلك
الحيوانات الكبرى عبدالكريم إلى أن يعود "الحوت الأزرق" يضع أمام المجتمع أسئلة ويتفوق عليها: كيف نحمي أبناءنا من هذه المستهلكين الرقمية؟ وكيف نوازن بين الحرية الرقمية والرقابة الواعية؟
ويرى الحل الأمثل في أربعة محاور: أولها القضاء على الأسرة الذكية، من خلال مراقبة الأبناء على الإنترنت دون قمع.
ثانيها التثقيف الرقمي، من خلال إدخال مناهج للوعي التكنولوجي في المدارس.
وثالثها التشريعات الرادعة، بتجريم إنشاء أو نشر مثل هذه التحديات.
رابعها المسؤولية المجتمعية، فالإعلام والدين والمؤسسات التربوية شركاء في المواجهة.
ويرى أن الانتحار الذي خطف روح طالب في عمر الزهور ليس "حادثاً فردياً"، بل ناقوس خطر يخطرنا أن الأمن السيبراني بات قضية حياة أو موت للأجيال الجديدة.
المحرر: عمار الكاتب